رقائق في دقائق
الحمد في السراء والضراء

من أسمائه جل وعلا الحميد.. الحميد هذا الاسم الكريم ورد في القرآن سبع عشرة مرة، والحميد هو المحمود لذاته على كل حال وبكل لسان، فالكون كله يشهد له بالحمد وكل شيء في هذا الكون من العرش إلى الفرش ومن السماء إلى الأرض يشهد له تبارك وتعالى بالحمد.
أن الحميد تبارك وتعالى هو الذي يُحمَد في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء..

نعم.. يُحمَد في السراء ويُحمَد كذلك في الضراء، ويُحمَد عند الشدة ويُحمَد عند الرخاء، لأنَّ العبد لا ينظرُ إلا من منظوره الخاص، فقد يقفُ العبد عند محنة من المِحن أو شدة من الشدائد أو ضراء وقعت به ويتصور أن هذا هو الضرر الماحق ويتصور كيف يَحمَدُ العبدُ ربه تبارك وتعالى على هذه الشدة أو على هذه الضراء وواللهِ الذي لا إلهَ غيره لو كشف الله عز وجل له ما في هذه الشدة وما في هذه الضراء من حكمة الحميد الذي يجب أن يُحمَد على كل شيء في السراء والضراء والله لوضعَ أنفَه على الطين شكراً لله جل وعلا.

أذكرُ موقفاً لعالم من علمائنا وشيخ حبيب من شيوخنا كان في أمريكا غضب جدا من إخوانه حين عادوا إليه وقالوا له لم نجد لك حجزا على هذه الطائرة.. غضب غضبا شديداً وكان قد اتصل بأهله هنا في مصر ورتب ترتيبات معينة لكن عاد إليه إخوانه وقالوا: والله يا شيخ سامحنا ما وجدنا حجز على هذه الطائرة أو على هذه الرحلة.
هو يقسم لي أنا بالله غضبت وتألمت وقلت: يا إخوة أنا أخبرتكم بموعد الحجز قبل ذلك بأسبوع وأنا عندي ترتيبات وعندي..
يقول: غضبتُ في نفسي وحزنتُ من إخواني، وظننتُ أنهم قد وقعوا في تقصيرٍ ما.
يقول وفي اليوم التالي نسمعُ الأخبار في كل وكالات الأنباء وفي كل نشرات الأخبار.. هذه الطائرة هي هي قد احترقت وهلك كلُّ من فيها بلا استثناء، يقول: قل لي بالله عليك بأي لغة أحمد الله تبارك وتعالى وكيف أحمدُ المحمود لذاته جل وعلا على هذه النعمة.. أن من الله تبارك وتعالى عليَّ بنعمة الإمهال.

وهذه نعمة ما أخذنا بالنا منها.. نعمة الإمهال.. أن يُمهلك الله تبارك وتعالى لتعمل صالحاً فأنت الآن في نعمة عظيمة.. ألا وهي نعمة الإمهال..
أمهلك الله تبارك وتعالى لتكتسب حسنة.. لتعمل صالحاً.. أفق يا أخي..

والله الذي لا إله غيره إن نعمة الإمهال من أجل النعم التي تستوجب الحمد وتستوجب الشكر وكثيرٌ منا في غفلة عن حمد الله عليها وعن شكر الله عليها أن يمهلك الله يوما آخر ويوما آخر وسنة أخرى وعاما بعد عام لتعمل صالحاً ولتعود إلى الله ولتستغفر الله جل وعلا ولتجدد التوبة والأوبة إلى الله جل وعلا.
أيا عبدُ كم يراك الله عاصياً حريصا على الدنيا وللموت ناسياً
أنسيت لقاء الله واللحد والثرى ويوما عبوسا تشيب فيه النواصيا
لو أن المرء لم يلبس ثيابا من التقى تجرَّد عريانا ولو كان كاسياً
ولو أن الدنيا تدوم لأهلها كان رسول الله حياً وباقياً
ولكنها تفنى ويفنى نعيمها وتبقى الذنوب والمعاصي كما هي

وهذا رابط تحميل هذه المادة:
http://www.way2allah.com/modules.php?name=Khotab&op=Detailes&khid=30861